كتب دانيال شابيرو أن مشهد الحرب في غزة يزداد تعقيداً بينما تتفاقم الأزمة الإنسانية دون بوادر للحل. وأشار إلى أن موقف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب اتسم بالجمود، رغم امتلاكه أدوات للتأثير على مسار الصراع. وأضاف أن زيارة مرتقبة لترامب إلى إسرائيل قد تشكّل فرصة حاسمة إذا استخدمها لدفع العملية السياسية وإنهاء الحرب.

أكد أتلانتيك كاونسل أن الجيش الإسرائيلي يستعد لتنفيذ خطة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو للسيطرة على مدينة غزة، بينما ينقسم المجتمع الإسرائيلي بين فريق يطالب باستمرار القتال حتى تدمير حماس، وآخر يخرج بمئات الآلاف إلى الشوارع داعياً إلى اتفاق يوقف الحرب ويعيد الأسرى. بالتوازي، تتدهور الأوضاع الإنسانية في القطاع مع اتساع العمليات العسكرية، وتزداد عزلة إسرائيل الدولية.

أوضح شابيرو أن ترامب أسهم جزئياً في إنجاز صفقة الأسرى خلال مرحلة انتقال الحكم في واشنطن، لكنه بعد ذلك دفع نحو تعميق الأزمة عبر مواقف وتصريحات شجعت المتطرفين الإسرائيليين. فقد طرح فكرة "ريفييرا الشرق الأوسط" في غزة، ما أعطى قوة لوزراء مثل بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير الذين يدفعون لإعادة الاحتلال الكامل. كما تجاهل ترامب قطع المساعدات الدولية في مارس، الأمر الذي فجّر أزمة جوع في القطاع، وبارك توسيع العمليات العسكرية رغم تحذيرات واسعة من فشلها.

أبرز المقال أن إسرائيل نفسها تعاني ارتباكاً في تحديد أهداف العملية الجديدة. فخطة الحكومة التي رُوِّج لها كاحتلال كامل للقطاع، اقتصر تطبيقها على مدينة غزة فقط، وهو ما رفضه الجيش الإسرائيلي لأنه يهدد حياة الأسرى ويستنزف قوات الاحتياط. ومع ذلك، صادقت الحكومة على الخطة التي ستؤدي إلى تهجير مئات الآلاف من المدنيين الفلسطينيين وسقوط ضحايا كثر.

طرح شابيرو أسئلة عن الهدف الحقيقي للحملة: هل تسعى إسرائيل إلى تحرير الأسرى؟ الجيش يعتقد أنهم معرضون للقتل. هل تريد القضاء على حماس؟ كثير من المحللين يرون أن النتيجة ستكون احتلالاً طويلاً مع مقاومة مستمرة. هل تنوي تسليم غزة إلى دول عربية أو سلطات فلسطينية غير تابعة لحماس؟ نتنياهو يرفض ذلك، فيما يشجع سموتريتش العكس تماماً.

شدد الكاتب على أن الولايات المتحدة وحدها قادرة على دفع إسرائيل إلى مراجعة استراتيجيتها. وبيّن أن مصالح واشنطن ذاتها تتعرض للخطر، إذ يزداد عزلة إسرائيل بين حلفائها الغربيين، ويواجه الجيش الإسرائيلي إنهاكاً بعد معارك عدة. كما أن احتمال انسحاب الدول العربية من أي دور في اليوم التالي يعقّد الجهود الإقليمية ويعرقل مسار التطبيع مع السعودية.

رأى شابيرو أن نتنياهو يترك الباب موارباً أمام حل تفاوضي، لكنه يربطه بشروط قصوى: تحرير جميع الأسرى، نزع سلاح حماس، الإبقاء على السيطرة الأمنية الإسرائيلية، وإنشاء سلطة بديلة غير تابعة للسلطة الفلسطينية. لكنه في الوقت نفسه يرفض صفقة مرحلية قد تحقق نهاية الحرب.

وأشار الكاتب إلى أن التاريخ يؤكد أن معظم الحروب العربية الإسرائيلية انتهت بتدخل أمريكي فرض مخرجاً على الأطراف. وأضاف أن ترامب يعرف، من تجربته مع أوكرانيا، أن الحروب تنتهي غالباً بنتائج غير مثالية، لكن يمكن صياغتها كـ"انتصار" إذا جرى تحرير الأسرى، وتفكيك القوة العسكرية لحماس، وإشراك الدول العربية في إعادة الإعمار، وضمان قدرة إسرائيل على مواصلة ضرب حماس عند الحاجة.

دعا شابيرو ترامب إلى استغلال تأثيره المباشر على نتنياهو عبر محادثات واضحة يعلن خلالها رغبته بإنهاء الحرب. كما شدد على ضرورة محادثات عسكرية بين الجيشين الأمريكي والإسرائيلي لتقييم المخاطر وتقديم بدائل تحمي المدنيين والأسرى وتضغط على حماس بطرق أخرى.

اقترح أيضاً أن تنخرط واشنطن في مفاوضات صفقة الأسرى عبر مبعوث متفرغ، بدلاً من الاعتماد على ستيف ويتكوف الذي يتولى ملفات متعددة. وأكد أن دخول تركيا على خط الوساطة بجانب مصر وقطر يفتح نافذة يمكن استغلالها. لذلك دعا ترامب إلى التواصل مع الرئيس رجب طيب أردوغان للضغط على حماس لإطلاق الأسرى وقبول النفي، مقابل تحسين العلاقات الأمريكية – التركية.

شدد الكاتب على أهمية ضخ مساعدات إنسانية واسعة النطاق إلى غزة بالتوازي مع المسار السياسي، عبر منظمات دولية وآليات جديدة تضمن استمرار تدفق الغذاء والدواء. وأوضح أن هذا الدعم يخفف المأساة ويعزز فرص التوصل إلى اتفاق.

واختتم شابيرو بأن على ترامب أن يطالب الدول العربية بتوضيح خطواتها في مرحلة ما بعد الحرب: المشاركة في قوة أمنية، دعم عودة كوادر السلطة الفلسطينية، وتمويل إعادة الإعمار مع ضمان منع استخدام الموارد في التسليح. واعتبر أن فرصة ضيقة ما زالت قائمة لتجنب امتداد الحرب إلى عام 2026، وأن على ترامب اغتنامها الآن.

https://www.atlanticcouncil.org/blogs/new-atlanticist/how-trump-can-drive-an-end-to-the-war-in-gaza/